الأُم هي الكتف الذي يسند الإنسان عليه رأسه، وهي الحضن الدافئ الذي يحمينا من قسوة الحياة، وهي اليد التي تمسك بنا قبل سقوطنا، وهي القلب الذي يضخُّ فينا الروح، والأم هي الرفيقة والصديقة والقلب الناصح لنا بصدق، وهي الإنسانة التي لا غنى لنا عنها، وإن كَثُر المحبُّون والأصدقاء، كما أنّها مدرستنا الأولى ودليلنا للسير في طريق الحياة، قال الشاعر حافظ إبراهيم في وصف عظمة الأم:.
الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتهَا.
أعددتَ شعبا طيِّبَ الأعراقِ.
الأمُّ روضٌ إن تعهدهُ الحيا.
بالرَّيِّ أورقَ أيُّمَا إيراقِ.
الأمُّ أستاذ الأساتذةِ الألى.
شغلت مآثرهم مدى الآفاقِ.
تحمل الأم أبناءها تسعة أشهر وهنًا على وهن، وتذوق في ولادتهم آلام الولادة التي تنساها فور رؤياهم، فتغذيهم من عذب لبنها وخُلاصة روحها، وترقب أطوار نموّهم بكل حب وشغف، وتسهر على راحتهم ليالٍ طِوال دون كلل أو ملل، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: الجنَّةُ تحْتَ أقدامِ الأمَّهاتِ.
الأم تأتي أولًا؛ لأنّها الأقرب دومًا، ومن ثمّ يأتي من هم دونها، فهي الأولى في الرحمة والعطاء والحب، تستحق أن تكون الأولى في الاحترام والتقدير في حياة أبنائها، فلا يجوز أن يتعدى أي أحدٍ على مكانتها العظيمة في القلب والروح، ولا يجوز بأيّ حالٍ أن يتم تجاوزها أو تجاهلها أو تهميشها مهما بلغ بها العمر، فالأم هي الأولى وهي الأساس، وهي الحب والحياة.
تُقدّم الأم لأبنائها ما يحتاجون دون انتظار مقابل، أفضالها علينا لا تُعدُّ ولا تحصى، لذلك حثّ ديننا الإسلامي على طاعتها والرفق بها وبرّها، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ). .
في رضا الأم التي سهرت وتعبت وتحمّلت تعب ولادتك وحملك يجد الإنسان البركة في ولده وماله وعمره، وفي سخطها عليه صعوبة في العيش ونقص في البركة والرزق، وعقوق في الأبناء فكما يدين الإنسان يُدان، ولأجل هذا كله علينا أن نحرص على طاعتها وملاطفتها في الكلام، وخفض أصواتنا في حضرتها بالإضافة إلى سؤالها عمّا تحتاجه وتوفيره لها.