كما أنّ الصادق قلبه صافٍ لا يعرف الكذب أو الغدر أو التلوّن، ولا يسمح بأن تطغى المصالح على صدقه ويتحوّل إلى كاذب، ويمنع الكثير من الصفات والأفعال السئية، فهو يمنع النصب والاحتيال والغش والتدليس، لهذا يُعرف عن الصدق بأنّه مفتاح جميع الأخلاق وأساسها، ولا يُمكن للإنسان أن يكون كامل الأخلاق، دون أن يكون صادقًا.
كان النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- معروفًا في قومه بالصادق الأمين حتى قبل بعثته، وذلك دليلٌ على أنّ الصدق من أهم صفات الإنسان كي يكون إنسانًا شريفًا طيبًا يُحب الخير للجميع ويُحبه الآخرون، فالصدق دليل على أنّ الإنسان قد تربّى تربيةً سويةً، وأنّه لا يُتقن التدليس والغش في حياته، يقول الشاعر عبد الغني النابلسي:.
كن على الصدق مقيما والأدب.
والزم العلم بفهم وطلب.
واتق الله بقلب خاشع.
واجتنب ظلمة أنواع السبب.
إنّ الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا صادقين وقدوتهم في هذا الأنبياء والرسل، والإنسان المؤمن يجب أن يقتدي بالسلف الصالح، وأن يكون مثلهم في صدقهم وألّا يكذب أبدًا حتى ولو من باب المزاح؛ لأنّ اللسان إن اعتاد الكذب أصبح الإنسان كاذبًا دون أن يُدرك، وأصبح الصدق بعيدًا عنه جدًا، وهذا ما لا يجب أن يحدث أبدًا؛ لأنّ الصدق خير ونجاة من جميع الشرور.
في جميع العلاقات لا بدّ أن تكون صفة الصدق هي الغالبة في الأقوال والأفعال لضمان أبديّة العلاقة ودوامها واستمرارها، على عكس الكذب الذي يُقصر عمر العلاقات ويُسرّع في نهايتها، فالصدق سببٌ في أن تشيع المحبة والألفة بين الناس، فتزداد ثقة الناس ببعضهم بعضًا، فلا يظلم أحدٌ غيره ولا يُحاول شخص أن يتعدى على حق غيره سواء بالقول أم بالفعل.
كلمة الصدق تعني أن تتطابق الأقوال مع الأفعال، وأن يتطابق الظاهر مع الباطن بالنسبة للإنسان، لهذا فإنّ للصدق مراتب عديدة وأعلاها صدق القلب والسريرة، والذي يجب على الإنسان أن يتحرى هذه المرتبة من الصدق دومًا، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: دعْ ما يُريبُكَ إلى ما لا يُريبُكَ فإنَّ الصدقَ طُمأنينةٌ وإنَّ الكذبَ رِيبَةٌ.