كما أنّ العمل من أهم أسباب تقدم الأمم كي تكون في المقدمة دومًا، وأمة بلا عمل هي أمة نائمة عاجزة لا يُمكن أن تلحق بالركب، بل ستظلّ طوال عمرها أمةً اتكاليةً في كلّ شيء على غيرها، وبهذا يكون أمرها ليس بيدها، ولا تستطيع التحكم بسياستها ولا اقتصادها، ولن يكون لها أيّ ثقل أو أثر في المستقبل، بل ستبقى في دائرة ضيقة لا تسمح لها بالتطوّر أبدًا، وهذا ما لا يجب أن يكون.
العمل روحٌ وحياة؛ لأنّه يمنح الفرد الثقة بالنفس، ويجعل له قبولًا بين الناس، ويجعله شخصًا ناجحًا يُشار إليه بالبنان ولا يستطيع أحدٌ تجاوزه، وكلما اجتهد الإنسان أكثر واستخدم ذكاءه وعقله وتركيزه كلّما استطاع أن يكون في عملٍ يليق به، ويجعله قائدًا ومتحكمًا بالكثير من الأعمال ومسيطرًا عليها، قال الشاعر محمد الوحيدي:.
والأصل في المعيشة التكسب.
بالجد والإنفاق فيما يجب.
والادخار تقتضيه الرتب.
والرفق في المطلب زين يطلب.
يُسهم العمل في نمو دخل الفرد والمجتمع وزيادة الإنتاج المحلي، ويُساعد الدولة في أن تكون دولةً منتجةً بدلًا من أن تكون دولةً مستهلكةً، وهذا يترك أثره على اقتصاد الدولة ككل وعلى مستوى معيشة الفرد، ويظهر هذا جليًا في الكثير من الدول التي اعتمدت على نفسها في سوق العمل، ودربت مواطنيها على أن يكونوا قوى عاملة ذات مهارات عالية.
يُسهم العمل في تحسين الصحة النفسية للإنسان؛ لأنّه يمدّه بالطاقة الإيجابية ويجعل حياته منظمةً تسير على خطى ثابتة، كما يُساعد العمل في أن يُحدد الإنسان هدفه بوضوح كي يرتقي بعمله من جميع النواحي والحصول على أعظم الفوائد منه، ويُسهم في زيادة حجم الاستثمارات وزياة جذبها، ورفع مخرجات التعليم.
ينبغي على كلّ من يؤدي أيّ عمل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا أن يحرص على إتقانه وألّا يترك شيئًا من الجهد، دون أن يُبرز العمل الذي يقوم به؛ كي يكون على أفضل وجه، إذ إنّ أيّ عمل يُؤديه الإنسان يُعدّ أمانةً في عنقه؛ لأنه يتقاضى نقودًا مقابله، ومن لا يُتقن عمله هو في الحقيقة لم يصن الأمانة، ولم يُؤدِ حق عمله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. ?.