كما أنّ المعلم هو نسمة الربيع التي تهبّ على العقول فتحييها علمًا ومعرفةً، وتفتح نوافذ العلم فيها ليدخل منها الخير والطموح والأمل المنشود للمستقبل، حتى يُصبح الفرد متعلمًا يعرف ما يُريد ويصل إلى مبتغاه بكلّ عزم وإصرار، وهو الذي يصنع الطبيب والمهندس والصيدلاني والمحامي وأصحاب جميع المهن من متعلمين وحرفيين، ولولاه لما استطاع هؤلاء أن يُحققوا شيئًا في درب العلم والمعرفة.
المعلم هو باني العقول وهو أكبر مؤثر فيها، وهو الذي يُربي النشء على أن يكونوا جنود المستقبل، وهو البحر الذي يزخر بكلّ ما هو لازم للتربية والتعليم، وكلما كان الطلبة منضبطين حريصين على أن يستفيدوا من المعلم كلما كانوا أكثر علمًا ومعرفةً، ومربي الأجيال هو أكبر مؤثر في المجتمع؛ لأنّه يسدّ الفجوة بين العالم والجاهل، قال أحمد شوقي:.
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا.
كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا.
المعلم الذي يفني أيّام عمره في تعليم الأجيال ومنْحها الثقافة والمعرفة واجبنا اتجاهه باحترامه وتقديره، وألّا يتم تجاهله أو تجاوزه مهما مضت الأيام، فللمعلم حقٌ في أن ينتقد طالبه، حتى لو وصل طالبه إلى أعلى المراتب في العلم، وله احترامٌ كاحترام الوالدين، ومن لا يحترم معلّمه يقع في خطأ فادح؛ لهذا من واجب الآباء والأمهات أن يُربّوا أبناءهم على ضرورة احترام معلميهم.
كل يوم هو فرصة لقول كلمة حق في المعلم وتقديم الشكر له ولو قليلًا، والتعبير عن الحب الكبير له والامتنان لكلّ ما يفعله مع طلبته، خاصةً أنّ مهنة التعليم يعتبرها البعض بأنّها مهنة عامة ليس لها القبول الاجتماعي، رغم أنّ مهنة التعليم هي الأساس لظهور جميع المهن وهي الأساس في أن يكون للدولة كيانٌ واستقرار ونمو في مجال العلم والمعرفة والثقافة وحتى التربية.
المعلم نبراسٌ للأخلاق والعلم والدين والثقافة والمعرفة، ومهما مرّ على المعلم من أعدادٍ كبيرة من الطلبة يظلّ عالقًا في ذهنه طلبته المتميزين، وكذلك الطلبة لا ينسون من درسهم أبدًا؛ لأنّ رسالة التعليم تُوسّع الآفاق، وتمنح الهيبة والوقار لمن يمتهنها، فيشعر أنّه مطالبٌ بأن يكون مثالًا يُحتذى بين الجميع طوال الوقت، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.