صلة الرحم فعل محمود وواجب
صلة الرحم بمثابة الحَبل الوثيق الذي يربط بين لآلئ عقدٍ واحد، فالإحسان إلى ذوي القربى فعل محمود واجب، يُمتّن الصلة بين الأهل ويجمعُ فُرقتهم، ويُقرّب بعيدهم، حتى إذا اجتمعوا كانَ الوِدُّ والعطف، وإذا تآلفوا على مأكلٍ واحد تمايلتْ الأُلفةُ بينهم، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله:
الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ. .
صلة الرحم دليل على قوة الإيمان
تكرّم الله -عزّ وجل- بالثواب على عباده المؤمنين، وجعل لهم أبواب الخير مفتوحةً لينهلوا منها ما استطاعوا، ويٌتنافسوا في وجوه البرّ والصلاح، ويٌقدّموا لأنفسهم أعمالًا صالحةً تجعلهم في جنان الخلد والنعيم، وتكرّم عليهم بجعل تلك الجِنان على درجاتٍ كثيرةٍ متناهية في البهاء، فلا يبذلُ مؤمنٌ خيرًا إلا جزاهُ عنه نعيمًا وأجرًا في الآخرة، ومن آياتِ أفضاله أن جعل صلة الرحم أمرًا يُؤجر عليه المرء.
كما أنّه أمر يُؤنس النفس ويشرح الصدر، ويبني الكثير من الودّ والمحبة، ويُسَيِّرُ الكثير من المصالح التي بها تتقدّم عجلة الحياة نحو الخير والطاعات، ويُساعد المرء على النجاة من العديد من المصاعب، فما أحسنَ أن تكونَ الأسرةُ يدًا واحدةً في أيامها اليسيرة والعسيرة! وما أشدّ إحسانَ المرءِ حين يُحسنُ لأهلِه!
حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على تقديم الأقارب على غيرهم في الصدقة، إذ إنّ الصدقة التي ينال المسلم ثوابها تُصبح مُضاعفةً حين تجتمع مع صلة الرحم، وتُؤدي وظيفتين في آنٍ واحد، أولها: الترقب إلى الله بإنفاق المال ومساعدة الناس، وثانيها: التقرب إلى الله تعالى بصلة الرحم، وفي ذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدقةُ ذي الرحمِ على ذي الرحمِ صدقةٌ وصِلةٌ ، مما يجعل هذا الأمر أكثر أهميةً وفائدةً للإنسان ومجتمعه.
صلة الرحم من شيم الكرام
صلة الرحم دلالة على مروء الفرد وأخلاقه الحميدة وشيمه الرفيعة، وتكمن أهمية هذا الأمر في تحقيق التكافل والتعاون ونشر المحبة والإيجابية، فلا يُوجد أجمل من زيارة الجد والجدة والاطمئنان عليهم، ففي ذلك جبر للخواطر، ولا يُوجد أفضل من زيارة الأعمام والأخوال والعمات والخالات؛ لنيل الأجر والثواب، ولا يُوجد شعور يُعادل شعور رضا الوالدين عند الذهاب إليهم لكسب رضاهم.
كما أنّ لا أحد يضمن هذه الحياة، ولا أحد يعرف وقت رحيله عن الدنيا؛ لذلك التمسك بالأحباب والتعبير عن المشاعر الإيجابية لهم أجر عظيم، خاصةً إذا كان منهم مسيء، فهنا يكون الفضل المسامحة أعظم.
صلة الرحم بركة في العمر
في الختام، إذا تأمل الإنسان ببركة ما يُجنيه من صلة الرحم لدُهش، فهي تزيد العمر بركةً وتوفيقًا للطاعات، وتحفظه من الضياع واللهو، مما يجعله مشغولًا في سبل الخير والعطاء، فما أجمل أن يكون الإنسان مبادرًا للمسرات! وما أجمل أن يرسم البسمة على وجوه أحبته وأقاربه!