كما تُعقد حلقات الذكر في المساجد، فيما تعلو بعض الترنيمات بالمدائح النبوّية العذبة، وتُنصبُ الخيام التي تعجُّ بأصناف الحلويات والسكاكر، ويُرى الخلق متزاورين حاملين أصنافًا شتى منها كلٌ وفقًا لعاداته وتقاليده المتعارف عليها، فهذا (المشبّك) ببهجة ألوانه وحلاوة طعمه يبهج الناظر ويسرُّ الآكِل.
في هذا اليوم العظيم يُستحسن الذكر، والإكثار من الصلاة على الشفيع لنيل شفاعته يوم الدين، كما يجب أن تُستغل هذه الذكرى بكل ما هو مفيد من عمل الخير على اختلافه، فتُقدّم الصدقات وتُستذكر الأحاديث النبوية الشريفة والسنن، ويُجمع الأطفال على فيضٍ من المواقف النبويّة السمحة ليتعرفوا على نبيِّهم وهادي أمتهم أكثر، ويتلمَّسون حلاوة أخلاقه بقلوبهم؛ ليقتدوا به.
في يوم ميلادك نستذكر سيرتك العطرة وأخلاقك الحسنة، فأنت قدوتنا في الصدق والأمانة والإحسان والصبر والشجاعة والرحمة، فصبرك على أذى قريش، وإحسانك لجارك اليهودي الذي كان يُؤذيك، وعطفك ورحمتك بالأطفال والمسلمين، وغيرها من المواقف دليل على أنّك خير الناس لحمل رسالة سماوية عظيمة، صدق الشاعر أحمد شوقي عندما قال:.
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ.
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ.
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ.
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ.
ولادة نبي الأمة كانت مليئةً بالعبر والدروس الكثيرة، ويكفي أنّ الله تعالى جعل هلاك من أرادوا هدم الكعبة في العام الذي وُلد فيه النبي العظيم، وأمطرهم بحجارة من سجين، وفي يوم مولده أشرقت الأرض بنور ربها، وفاض النور في جميع مكة وما حولها ابتهاجًا بقدومه، لقد كان يومًا عظيمًا يشهد له كل من حضر، وهذا دليلٌ على أنّه ميلاد خير البشر.